أحيا السوريون أمس ذكرى يوم الاستقلال كل على طريقته حيث شهدت العاصمة دمشق «مهرجانا شعبيا مركزيا بالذكرى الخامسة والستين لعيد الجلاء برعاية الرئيس بشار الأسد في صالة الفيحاء الرياضية»، في حين جاب شوارع العاصمة العديد من المسيرات رافعة الأعلام وصور الرئيس الأسد، كما خرج متظاهرون في بعض المدن وخصوصاً في حمص ودرعا وبانياس ودوما والمعضمية مرددين شعاراتهم المطالبة برفع حالة الطوارئ والمشددة على الحرية والوحدة الوطنية ومحاسبة من سفك الدماء. ولم تفوت بعض العناصر المسلحة إحياء المناسبة بسفك الدم السوري، حيث خرجت مجموعات مسلحة في بعض شوارع حمص مطلقة الرصاص الحي ما أسفر عن سقوط شهيد من قوى الأمن الداخلي ومقتل ثلاثة من المسلحين بحسب بيان لوزارة الداخلية. وفي المهرجان الرسمي أكد الأمين القطري المساعد لحزب البعث أن السوريين أشد تماسكا وأكثر إيماناً بالوحدة الوطنية وبمعانيها الحضارية وبالحوار الجاد والعقلاني لتحقيق تطلعات شعبنا وآماله، مشيراً إلى أننا «مقبلون على استحقاقات عديدة وضع أسسها الرئيس الأسد تصب جميعها في تعميق المسار الديمقراطي من خلال برنامج متكامل بجدول زمني يقوم على العمل المؤسساتي الممنهج والحوار الموسع مع الجميع وتوسيع المشاركة في القرار ومتابعة هموم المواطنين وحاجاتهم وفق صيغ قانونية تشمل قوانين الأحزاب والإعلام والإدارة المحلية ورفع حالة الطوارئ. وفي حمص نزلت مجموعات مسلحة إلى شوارع المدينة، واشتبكت مع قوات الأمن في عدة أحياء، وسط تضارب في الأنباء عن عدد الإصابات، وأفادت التقارير باستشهاد شرطي، على حين تمكنت قوات الجيش من مقتل ثلاثة من «العناصر الإجرامية المسلحة» برصاص قوات من الجيش «رداً على نيران» تعرضوا لها قرب مدينة تلبيسة، مشيرة إلى إصابة 31 شخصاً في الحادثتين، أكثر من نصفهم من قوات الأمن. وحسب عدد من سكان حمص، كانت الأمور هادئة حتى بعد ظهر أمس حين أتى نحو ألفي شخص إلى مدخل حمص في محاولة لإنزال تمثال للرئيس الراحل حافظ الأسد، وذلك استجابة لدعوات إحدى صفحات شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت، فتصدى لهم سكان المنطقة، ما لبث أن أخرج هؤلاء الأشخاص الأسلحة النارية من تحت الأحزمة، وتدخلت قوات الأمن مباشرة إلا أنه سرعان ما انتشرت سيارات في بعض الأحياء تصوب نحو المواطنين العزل، وسقط عدد منهم حسب الاتصالات التي تلقتها «الوطن». ونقلت وكالة الأنباء السورية «سانا» عن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية استشهاد الشرطي أحمد الأحمد وإصابة 11 آخرين من قوات الشرطة والأمن بإطلاق الرصاص عليهم من قبل مجموعة إجرامية مسلحة أمس في بلدة تلبيسة قرب حمص. وأفاد المصدر: إن المجموعة المسلحة أطلقت النار عشوائياً وقامت بترويع المواطنين وقطع الطرقات العامة مشيراً إلى أن قوات الشرطة لا تحمل سلاحا وكانت تقوم بحفظ النظام. كما صرح مصدر مسؤول أنه بعد تكرر قطع الطريق الدولي حمص حماة حلب في النقطة المحاذية لبلدة تلبيسة على أيدي مجموعات إجرامية مسلحة عملت على ترويع المواطنين الأبرياء تم تكليف قطعة عسكرية من وحدات الجيش مهمة التحرك إلى المنطقة المذكورة لوضع حد لجرائم تلك المجموعات الإجرامية ومنعها من تكرار قطع الطريق الدولي ولدى اقترابها من جسر بلدة تلبيسة قام عناصر المجموعات الإجرامية المسلحة المتمركزون في المباني المجاورة للطريق بفتح النار على القطعة العسكرية التي تعامل أفرادها بالرد الفوري على مصادر النيران ما أدى إلى قتل ثلاثة من العناصر الإجرامية المسلحة وجرح 15 منهم في حين جرح خمسة من عناصر الجيش. وتم توقيف عدد من المسلحين ومن بينهم لبناني حسب ما تناقلت وسائل إعلام، كما تمت الدعوة إلى «الجهاد» وفقاً لمصادر أخرى ولاسيما كما يذكر ناشطون من المدينة على صفحات «فيسبوك». من ناحية أخرى شهدت مدينة دوما في ريف دمشق تظاهرة قام بها نحو 150 شخصاً، قال أحد أعضاء اللجنة الشعبية، وعضو الوفد الذي التقاه الرئيس الأسد مؤخراً ممثلا عن المدينة، أنهم ليسوا جميعهم من أهالي المدينة، وأن الوجهاء يجدون صعوبة في التعامل معهم إذ إن مطالبهم لا علاقة لها بمطالب الأهالي، لكنها التظاهرة انفضت بعد ساعتين. وأضاف المصدر أن جهات من المعارضة تقف وراء هذه التظاهرات وتقوم بتحريض ما وصفهم بـ«الزعران والموتورين»، للتظاهر واستفزاز القوى الأمنية وخلق مصادمات «بحثا عن سقوط شهيد ليتم استغلال الدماء إعلامياً»، وهم في الخلاصة يريدون إفشال اللجنة التي استقبلها الرئيس الأسد. وأكد المصدر أن وجهاء المدينة والتجار والأهالي جميعاً ممتعضين مما يحدث، متسائلاً: «لماذا يعكر هؤلاء الأمور علينا؟»، مستطرداً: «حتى أهالي الشهداء كانوا فرحين من نتائج اللقاءات مع السيد الرئيس». وأضاف: «إذا كنا موعودين من رئيس الجمهورية شخصياً وليس من أحد غيره فماذا نريد أكثر من ذلك، وجميعنا مرتاحون ونحن نقيم ندوات في إحدى الصالات نحث فيها عائلات دوما على أن ننتظر لشهر»، وقال: «إذا كان هناك أحد يريد إقامة عرس لابنه يحتاج شهر من التهيؤ المتواصل فكيف الحال بإنجاز كل هذه الإصلاحات التي وعد الرئيس بتنفيذها». وفي بانياس، خرجت بعد ظهر أمس تظاهرة شارك فيها نحو خمسمئة شخص هتفوا خلالها بالحرية ورفعوا شعارات مناهضة للنظام، وعلمت «الوطن» بعد الاتصال بعدد من أهالي بانياس أن النسبة العظمى من السكان ليست مع ما يقوم به بعض الشباب وأنها تنشد الهدوء والأمن والأمان وتريد عودة الحياة إلى طبيعتها، وأن معظم تجار السوق قرروا فتح محلاتهم اليوم الإثنين بعد أن فتحت محال السوبرماركت والخضار والفواكه والأغذية والطعام يوم أمس. من جهة ثانية انتشرت مساء أمس بين سكان المدينة شائعة تفيد أن عشرات السيارات ستدخل المدينة ليلاً وفيها ما يعرف بـ«الشبيحة» وأن هؤلاء سيعتدون على الأهالي وسيطلقون النار عليهم، ومن خلال متابعة «الوطن» لمصدر هذه الشائعة تبين أن مصدرها ما تبقى من العصابات المسلحة التي سبق أن نصبت الكمين المسلح لوحدة الجيش في العاشر من الشهر الجاري على أوتستراد طرطوس اللاذقية ما أدى إلى استشهاد تسعة من أفراده وإصابة العشرات بجروح، وذكرت مصادر «الوطن» أن هذه العصابات ما زالت تحاول بث الفتنة بين أبناء المدينة، وتعمل على استمرار حالة التوتر والاحتقان، وهي لا تريد الإصلاح المنشود أبداً. ونتيجة انتشار هذه الشائعة التي تتناقض مع حالة الاطمئنان التي وفرها انتشار الجيش في كل أحياء المدينة، وفق ما أكده السكان، أجرت الجهات المختصة اتصالات مع فعاليات المدينة ليلة أمس وطلبت منها الاتصال مع الأهالي وتكذيب الشائعة وطمأنتهم بأنهم بحماية الجيش وأنه لا وجود أبداً لما يسمى «شبيحة» كما يدعي المغرضون وبعض الفضائيات وأن الذي يحاول الإساءة وبث الرعب بين سكان المدينة هم «العصابات المسلحة» وليس غيرهم، وتمنت عليهم المزيد من التعاون لمحاصرة هؤلاء ومنعهم من الأفعال التي يقومون بها وإعادة المدينة إلى حياتها الطبيعية. وفي المعضمية، شارك المئات في تظاهرة مساء أمس رددوا فيها شعارات عن الحرية والشهيد والوحدة الوطنية، وتدخل عناصر حفظ النظام لتفريق المتظاهرين، دون وقوع أي ضحايا. واستمرت التظاهرات السلمية المعارضة في العديد من المدن السورية دون احتكاك مع الأمن وسقوط أي إصابات، فتجمع، بحسب مصادر من مدينة درعا، نحو خمسة آلاف في ساحة القصر العدلي من سكان المدينة ومدن وقرى المحافظة الأخرى، وسط مشاركة نسائية واضحة هي الأولى من نوعها. وقالت المصادر لـ«الوطن» إن التظاهرات كانت سلمية ولم تشهد أي احتكاكات مع الأمن المنسحب من المدينة، وعمد المتظاهرون إلى تنظيم الحركة على الطرق لتجنب الفوضى، كما ألقيت كلمات في التجمع من قبل ممثلي القرى القادمين أو من وجهاء درعا المرحبين بهم، ركزت على رمزية عيد الاستقلال وضرورة الاستمرار بالتظاهر حتى تحقيق المطالب. وبينت المصادر أن من بين الشعارات المرفوعة: إلغاء قانون الطوارئ، والمطالبة بالحرية، والتشديد على الوحدة الوطنية، والتنديد بالحكومة الجديدة، مع تواصل مطالبة قسم محدود بتغيير النظام. وذكرت المصادر أن مدينة الحراك (إلى الشمال الشرقي من درعا بنحو 50 كيلومتراً) شهدت أمس تشييع أحد شهدائها من عناصر الجيش الذين سقطوا خلال أحداث مدينة بانياس، وقد شارك في التشييع نحو 20 ألفا طالبوا بضرورة محاسبة القاتلين. كما شهدت محافظة السويداء أمس تظاهرتين صغيرتين إحياء لعيد الاستقلال بدفع من «وحدة الشيوعيين السوريين» حيث أكد أحد المشاركين أن 300 شخص ذهبوا إلى قرية القريا، مسقط رأس زعيم الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي سلطان باشا الأطرش، واتجهت إلى نصب شهداء الثورة، وفي مدينة السويداء خرج نحو 300 شخص آخر من بينهم نساء وصبايا وتجمعوا في ساحة الشعلة يحملون صورا لقادة الثورة الكبرى ويهتفون بالحرية ولقائد الثورة السورية سلطان الأطرش وأن الشعب السوري واحد. |