لبنان وروسيا والصين تحبط بيان مجلس الأمن ... ودمشق تتعهّد بإصلاحات إضافية خلال أيام سوريا تحارب على جبهتين: الاضطراب الداخلي ... والتدخل الغربي | ||||||||||
واجهت سوريا أمس تحديا مزدوجا بين متابعة مساعيها لاحتواء أسوأ أزمة سياسية وأمنية تتعرض لها منذ عقود، وبين مكافحة جهود أميركية وأوروبية غربية مريبة للتدخل في شؤونها الداخلية، سواء في مجلس الأمن الدولي الذي عقد جلسة علنية انتهت نتيجة موقف لبنان وروسيا والصين، إلى فشل في إصدار بيان رئاسي يدين قمع المحتجين، او في عدد من العواصم الاوروبية التي اتخذت مواقف استعراضية باستدعاء السفراء السوريين لديها، في الوقت الذي ترددت أنباء عن ان دمشق تتجه الى اصدار حزمة جديدة من الاصلاحات السياسية في الايام القليلة المقبلة، متحدية المجموعات المتطرفة التي تعمل على إشعال الفتنة في اكثر من منطقة سورية. وقال دبلوماسيون في الامم المتحدة ان الدول الـ15 في مجلس الامن لم تتوصل الى توافق بشأن اصدار بيان مشترك «يدين القمع الدامي» في سوريا. وأضافوا ان روسيا والصين ولبنان رفضوا مشروع بيان تقدمت به بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال «يدين تدخل الجيش وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في سوريا». ومعلوم أنه يجب الحصول على موافقة جميع الدول الأعضاء في مجلس الامن من أجل إصدار بيان رئاسي. وقال المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، في جلسة علنية للمجلس، إنّ «الاحتجاجات في سوريا ترافقت مع تحريض إعلامي إقليمي، وفتاوى دينية من خارج الحدود تدعو إلى ضرب الدولة»، مشيرا إلى أن بلاده «اتخذت إجراءات إصلاحية عديدة، كما ستتخذ إجراءات حكومية أخرى في الأيام المقبلة». وأعلن الجعفري أن «الجمارك السورية ضبطت الكثير من الأسلحة المهرّبة إلى داخل البلاد من مجموعات دينية متطرفة في الخارج». وشدد على أنّ «التظاهرات التي جرت في سوريا لم تكن سلمية وإلاّ لما سقط كلّ هذا العدد من المواطنين السوريين العسكريين والمدنيين»، موضحا أن «المجموعات المتطرفة استهدفت قوى الأمن والجيش»، عارضا لجدول يضمّ 51 اسما لعسكريين قتلوا في الاحتجاجات. وقال نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة الكسندر بانكين إن ما يجري في سوريا «لا يشكل تهديدا للأمن والسلام الدوليين». وأضاف ان «التهديد الفعلي للأمن الاقليمي قد ينبع من التدخل الخارجي»، معتبرا ان «نهجا كهذا يؤدي الى دورة عنف لا تنتهي» وقد يفضي الى حرب أهلية، فيما أكد مندوب الهند أن «لكلّ دولة من الدول أن تقرر بنفسها طريقة حفظ النظام على أراضيها». وأعلنت المندوبة الاميركية سوزان رايس ان على الرئيس السوري بشار الاسد ان «يغير سلوكه الآن، ويكف عن القمع الدامي للمتظاهرين»، معتبرة ان على «المجتمع الدولي ان يوحد موقفه لإدانة القمع» في هذا البلد. وكان الجعفري رفض دعوة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى إجراء تحقيق، موضحا «سوريا لديها حكومة ولديها دولة. يمكننا أن نضطلع بأي تحقيق بأنفسنا بشفافية كاملة». وأضاف «نأسف لما يحدث حاليا، لكن عليكم أيضا أن تعترفوا بحقيقة أن هذه الاضطرابات وأحداث الشغب لها برامج خفية»، موضحا أن حكومات أجنبية تحاول زعزعة استقرار سوريا. وقال الجعفري إن الأسد أصدر توجيهات إلى الحكومة «لإنشاء لجنة تحقيق واستجواب وطنية بشأن جميع الضحايا بين المدنيين». وشدد على انه ينبغي على مجلس الأمن الدولي ألا يعتمد على المعلومات من وسائل الإعلام لاتخاذ قرارات، موضحا «ينبغي له أن يعتمد على التقارير الرسمية». ويصل اليوم إلى دمشق مبعوث، أو أكثر، من جانب رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان للقاء الرئيس السوري بشار الأسد في ما وصف في أنقرة بأنه «التحذير» التركي الأخير إلى القيادة السورية من مغبة التأخر في إقرار المزيد من الإصلاحات التي باتت القوى الكبرى تعتبرها حجة لاتخاذ إجراءات عقابية ضد دمشق لا سيما في أعقاب التطورات الدامية التي شهدتها مدينة درعا خصوصاً. (تفاصيل صفحة 13) إلى ذلك، قال رئيس الحكومة القطرية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ردا على سؤال حول ما يجرى في ليبيا وسوريا واليمن، إن بلاده «لديها علاقات متميزة مع سوريا وإننا نتألم لما يجري هناك»، معربا عن أمله «في أن يسود العقل والحكمة لحل هذا الموضوع بشكل عاجل وبالحوار البناء الذي يلبي طموحات الشعب السوري»، فيما قال نظيره المصري عصام شرف «إننا ندعم الاستقرار في هذه الدول الشقيقة، وندعو إلى الحكمة والحوار في التعامل مع هذه الأحداث»، معربا عن أسفه لغياب الاستقرار، مؤكدا أن «دورنا متواجد ويهدف إلى خلق حالة من الاستقرار». وضاعفت واشنطن ودول أوروبية من جهودها لزيادة تدخلها في الشؤون الداخلية السورية. ويعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جلسة خاصة غدا لمناقشة الوضع في سوريا بطلب أميركي. وقالت المندوبة الأميركية لدى المجلس ايلين دوناهيو «نتوقع من أعضاء مجلس حقوق الإنسان أن يدعوا الحكومة السورية إلى تحمل مسؤولياتها في حماية شعبها ووقف هذه الهجمات». وأضافت «أصيبت الأسرة الدولية بصدمة لمقتل مئات المدنيين في إطار تظاهرات سياسية سلمية». وقال مسؤولون بالمنظمة الدولية في بيان إن الطلب الذي تقدمت به الولايات المتحدة لعقد جلسة طارئة للمجلس الذي يضم 47 عضوا نال موافقة 16 دولة منها بريطانيا وفرنسا واليابان. ولم تكن هناك أي دولة عربية بين الدول التي طالبت بعقد الجلسة التي يستلزم عقدها تأييد ثلث أعضاء المجلس. ويناقش سفراء الاتحاد الأوروبي احتمال فرض عقوبات على سوريا، وذلك في جلسة خاصة تعقد غدا لمناقشة الوضع في سوريا. وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية إن حكومات الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي ستناقش إمكانية فرض عقوبات على سوريا مع بحث مختلف الإجراءات. وقال المتحدث باسم الشؤون الخارجية مايكل مان «سيكون هناك اجتماع يوم الجمعة... كل الخيارات مطروحة على الطاولة». واستدعت دول أوروبية عديدة، منها فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا واسبانيا وبلجيكا، سفراء سوريا لإدانة العنف في قمع المتظاهرين. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية بيرنار فاليرو إن «فرنسا عمدت في إطار خطوة تم التنسيق بشأنها مع بريطانيا وألمانيا واسبانيا وإيطاليا إلى استدعاء سفيرة سوريا في باريس لمياء شكور إلى وزارة الخارجية»، موضحا أن باريس أرادت أن تعرب لها عن «تنديدها الحازم بتصعيد القمع» بحق المتظاهرين السوريين. وأعلن وزير الدفاع الألماني توماس دو ميتسيير، بعد اجتماعه بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في نيويورك، أن برلين تنتظر من مجلس الأمن الدولي أن يرسل «إشارة قوية» بشأن سوريا. وقال «ندعم وننتظر إشارة قوية حتى يتوقف القمع والمجازر» في سوريا. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت «سيبحث الاتحاد الأوروبي إمكانية فرض عقوبات على القيادة السورية. نؤيد تماما مثل هذه العقوبات». وأضاف «مثل هذه العقوبات يحتمل أن تقضي بفرض قيود على سفر ساسة سوريين بارزين وتجميد أصول وتجميد مساعدات اقتصادية تتدفق من أوروبا إلى سوريا». وتابع «ندعو الرئيس الأسد لإجراء حوار مع مواطنيه بدلا من إطلاق النار عليهم، والتوصل لتوافق». وأعلن وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني أن روما تدعم مع فرنسا مبدأ فرض عقوبات على سوريا وتدعو إلى إجراء تحقيق مستقل للأمم المتحدة حول «القمع الدامي للتظاهرات» في سوريا. وقال، أثناء جلسة برلمانية، «كنت السباق أمس (الاول) مع وزير (الخارجية الفرنسي آلان) جوبيه في المطالبة بإجراء تحقيق مستقل للامم المتحدة وأن يبحث الاتحاد الاوروبي فرض عقوبات على النظام السوري في أيار» اثناء قمته المقبلة. وقال وزير خارجية بريطانيا وليام هيغ ان الوقت لا يزال متاحا لتنفيذ الإصلاحات التي وعد بها الرئيس السوري، ولإعلانه عن فتح تحقيق بشأن حالات القتل. واعتبر السناتور الأميركي جون ماكين، في مقابلة مع «فرانس برس» في باريس، «أعتقد انه (الأسد) فقد شرعيته. لقد أمر جيشه بإطلاق النار على شعبه. نعم اعتقد ان عليه التنحي». وأكد تأييده كل الخطوات «غير العسكرية» للضغط على النظام السوري مثل فرض عقوبات من قبل الامم المتحدة. وتابع ماكين، المرشح الجمهوري السابق إلى البيت الأبيض، «لا ارى كيف يمكن ان يكون لنا تأثير هناك (سوريا) عسكريا»، موضحا «في ليبيا لدينا على الأقل قوة عسكرية تقاتل القذافي. لكن ليس لدينا ذلك في سوريا. ليس لدينا مجموعة، او حتى نواة يمكن ان نساعدها جوا او برا. يؤسفني قول ذلك لأن الشعب السوري ضحية ممارسات وحشية مريعة». في هذا الوقت، قال مصدر عسكري مسؤول، في بيان نشرته وكالة الأنباء السورية (سانا)، «أقدمت مجموعات إرهابية متطرفة مسلحة في مدينة درعا وريفها على قطع الطرق وإقامة الحواجز وقنص المارة مستخدمة عربات مدنية بلوحات مزورة لنقل الأسلحة والمتفجرات، وقد تصدت لها وحدات من الجيش وتمكنت من قتل عدد من أفراد هذه المجموعات ومطاردة من لاذ منها بالفرار، وجراء المواجهة سقط شهيد وخمسة جرحى من أفراد القوات المسلحة بينهم سائق عربة صحية وممرض». وكان المصدر اعلن ان «وحدات الجيش في مدينة درعا وريفها واصلت مهمتها بملاحقة المجموعات الإرهابية المتطرفة التي طالما استهدفت بعض المواقع العسكرية والقوى الأمنية، وقد قامت هذه المجموعات بقطع الطرق العامة في أكثر من مكان وإجبار المارة على التوقف والاعتداء عليهم بالضرب بعد تجريدهم من حاجياتهم بهدف الترويع وزرع الخوف في نفوس المواطنين». وأضاف «كما قامت بالاعتداء على بعض النقاط العسكرية تجاه الجولان المحتل، ما أسفر عن سقوط ثلاثة شهداء و15 جريحا في صفوف الجيش والقوى الأمنية، ووقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوف المجموعات الإرهابية المتطرفة. وقد تم إلقاء القبض على عناصر بعض الخلايا الإرهابية الذين يخضعون للتحقيق حاليا كما تم ضبط كمية من الأسلحة والذخيرة المتنوعة». وقال المصدر، في بيان آخر، «دأبت بعض الفضائيات المغرضة في الآونة الأخيرة على بث أخبار تدعي فيها حصول انشقاق بين وحدات الجيش، في محاولة للنيل من سمعة المؤسسة العسكرية ولحرف الأنظار عن حقيقة مخطط المؤامرة الذي يستهدف ضرب النهج المقاوم لسوريا وزعزعة أمنها واستقرارها. وإننا إذ نستهجن ذلك، نؤكد أن ما تم بثه عار عن الصحة جملة وتفصيلا ويعبر عن إفلاس الجهة التي روجته وعن إخفاقها في تحقيق أغراضها الدنيئة، ولا يخرج عن كونه تضليلا إعلاميا هدفه تشويه الحقائق وتزويرها وصولا إلى ضرب بنية النسيج الوطني للمجتمع السوري عامة ووحدة الجيش خاصة». وأضاف المصدر «غاب عن أذهان مروجي مثل تلك الأخبار الكاذبة أن الجيش العربي السوري هو جيش وطني بامتياز، وأنه على امتداد مراحل تاريخه كان وسيبقى نسيجا متماسكا وقوة متراصة في مواجهة التحديات وفي التصدي للمؤامرات التي تحاك ضد شعبنا وأمتنا». وأشار رئيس «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ومقره لندن رامي عبد الرحمن إلى أن «عدد الضحايا المدنيين وصل إلى 453» منذ اندلاع حركة الاحتجاج في 15 آذار الماضي. وقال إن لديه قائمة بأسماء الضحايا المدنيين والمكان الذي سقطوا فيه. وذكر نشطاء وحقوقيون أن أكثر من 30 شخصا قتلوا في اليومين الماضيين في درعا. وقال الناشط الحقوقي عبد الله ابا زيد إن إطلاق نار متقطعا يتواصل في درعا، مضيفا «إن السلطات تشن حملة لتجويعنا وحرماننا من المياه». وقال شاهد لوكالة «رويترز» إنه رأى قافلة من 30 دبابة سورية على الأقل تتحرك على حاملات دبابات في الطريق الدائري بدمشق في الاتجاه المؤدي إلى ضاحية دوما الشمالية وإلى مدينة درعا. وقال شاهد إن دبابات وعناصر من الجيش انتشروا على الطريق الرئيسي المؤدي إلى بانياس. وأعلن 30 عضوا في حزب البعث في بانياس، و203 في منطقة حوران، انسحابهم احتجاجا على «ممارسات» أجهزة الأمن. («السفير»، سانا، أ ف ب، أ ب، رويترز) |